كيف تكون سعيدا؟

في أحد المستشفيات وفي نفس الغرفة أسكن الطبيب شيخين هرمين كلاهما مصاب بمرض عضال ...
أما أحدهما فكان مسموحٌ له الجلوس في سريره لمدة ساعة يوميا بعد العصر .. ومن حسن حظه أن كان سريره بجانب النافذة الوحيدة في الغرفة .. أما الآخر فكان مرضه يحتّم عليه أن يبقى مستلقياً على ظهره طوال الوقت...
كان المريضان يقضيان وقتهما في الكلام .. لأن كلاً منهما كان مستلقياً على ظهره ناظراً إلى السقف ... لقد تحدثا عن أهليهما وعن بيتيهما وعن حياتهما وعن كل شيء يخطر على بال أحدهما...
وفي كل يوم بعد العصر .. كان الأول يجلس في سريره حسب أوامر الطبيب، وينظر من النافذة .. ويصف لصاحبه العالم الخارجي .. وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها الأول .. لأنها تجعل حياته مفعمة بالحيوية وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة في الخارج ..
و فيما كان المريض الأول يقوم بعملية الوصف كان الثاني ينصت في انبهار لهذا الوصف الدقيق الرائع .. ثم يغمض عينيه ويبدأ في تصور تلك المناظر البديعة للحياة خارج المستشفى...
ففي الحديقة كان هناك بحيرة كبيرة يسبح فيها البط .. وقد صنع الأولاد الزوارق من مواد مختلفة وأخذوا يلعبون بها داخل الماء .. وهناك رجل يؤجِّر المراكب الصغيرة للناس يبحرون بها في البحيرة التي يطل عليها المستشفى ..
والنساء قد أدخلت كل منهن ذراعها في ذراع زوجها والجميع يتمشى حول حافة البحيرة .. وهناك آخرون جلسوا في ظلال الأشجار أو بجانب الزهور ذات الألوان الجذابة .. ومنظر السماء كان بديعاً يسرّ الناظرين...
ومرت الأيام والأسابيع وكل منهما سعيد بصاحبه .. ولكن في أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها .. فوجدت المريض الذي بجانب النافذة قد قضى نحبه خلال الليل...
ولم يعلم زميله بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة وهي تطلب المساعدة عبر الهاتف لإخراجه من الغرفة .. فحزن على صاحبه أشد الحزن، الذي لم يقدر له أن يتعرف على وجهه....
وبعد أيام طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة .. ولما لم يكن هناك مانع فقد أجابت طلبه .. وعندما حانت ساعة العصر وتذكر الحديث الشيق الذي كان يتحفه به صاحبه انتحب لفقده، ولكنه قرر أن يحاول الجلوس ليعوض ما فاته في هذه الساعة ..
وتحامل على نفسه وهو يتألم ورفع رأسه رويداً رويداً مستعيناً بذراعيه .. ثم اتكأ على أحد مرفقيه وأدار وجهه ببطء شديد تجاه النافذة لينظر إلى العالم الخارجي...
وهنا كانت المفاجأة إنه لم ير أمامه إلا جداراً أصم من جدران المستشفى .. فقد كانت النافذة تطل على ساحة داخلية كلها إسمنت وبلاط...
عندها نادى الممرضة وسألها إن كانت هذه هي النافذة التي كان صاحبه ينظر من خلالها .. فأجابته بأنها هي !! فالغرفة ليس فيها سوى هذه النافذة.. ثم سألته عن سبب تعجبه فقص عليها ما كان يحدثه به صاحبه حول ما يراه عبر النافذة وما كان يصف له...
كان تعجب المـــمرضة أكبر .. إذ قــــالت لــــه : ولكن زميلك المتوفى كان أعمى .. ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم .. ولعله أراد أن يجعل حياتك سعيدة حتى لا تُصاب باليأس فتتمنى الموت ..
لقد آتاك الله سمعا وبصرا وفؤادا من السعادة أن تسعى لإسعاد غيرك

مشكور اخ احمد على الموضوع القيم لقد اثرت فيا هذه القصة بلفعل ونزلت دموعي فور قرائتي لخاتمتها اسال الله ان يغرس في قلوبنا حب اسعاد الاخرين,تشكر جزيل الشكر على تميزك الواضح في المنتدى

لا تشكريني أخية لا شكر على واجب
أنا من أشكرك على مرورك
واعذروني لم أقصد أن أرسم دمعة تحت عينك
لكن يجب أن تفرحي
ابتسمي
لأنك لست في غرفة مستشفى
وتستطيعين ان تسعدي غيرك أكثر من إسعاد ذلك الشيخ لزميله

بارك الله فيك على الرد
حفظك الله لكل من يريد إسعادك

شكرا على الموضوع الأكثر من رائع جعلة الله في ميزان حسناتك

» كتاب كيف تكون فصيحا ؟
» كيف تكون التربية نافعة لأطفالنا ؟
» جميلة مدرستنا عندما تكون فارغة.