إنها إمرأة من أهل الجنة تمشي على الأرض .. يالله فما أروع أن يُبشر رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى إنساناً بالجنة فيعيش مطمئناً أنه حين يلاقى ربه يوم لا ينفع مال ولا بنون سيكون مأواه جنة عرضها كعرض السماوات و الأرض أعدت للمتقين.
إنها إحدى نساء الأنصار، بايعت رسول الله فأوفت البيعة،
إنها من أوائل من أدرك و أقر أنه "لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله" على وجه البسيطة،نها صحابية جليلة قد لا يعرفها و يعرف قدرها الكثيرون على الرغم مما فى سيرتها من عبرة و قدوة،
إنها الروميساء رضي الله عنها.
سمعت عن سيرتها و قرأت عنها وعندما سمعت اعتبرت و عندما قرأت انبهرت.
هي أم سليم بنت ملحان الأنصارية من بنى النجار أخوال رسول الله صلى الله عليه و سلم اشتهرت بكنيتها"أم سليم" و لقبت بألقاب كثيرة منها "الغميصاء أو الرميصاء أو الروميساء".
تركت زوجها من أجل الإسلام،أسلمت الروميساء كغيرها من السابقين عندما سمعت عن دين الحق في يثرب قبل هجرة الرسول،كان من أوائل من وقف في وجهها زوجها مالك الذي غضب وثار عندما رجع من سفره وعلم بإسلامها ولما سمع مالك بن النضر زوجته تردد بعزيمة أقوى من الصخر: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، خرج من البيت غاضبا بل خرج من المدينة كلها لأنها أصبحت أرض إسلام لا مكان لكافر مثله بها و مات بالشام .
ضحت هذه المؤمنة بحياتها الزوجية و بزوجها و ابن ولدها الوحيد "أنس" من أجل دينها و ثباتها على مبدأها ولم تتردد أو تتراجع .
قدمت ابنها هدية للرسول حينما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانت الأنصار ومن كان فيها من المهاجرين مشغولين باستقبال النبي صلى الله عليه وسلم فرحين مستبشرين بمقدمه صلى الله عليه وسلم.فأقبلت الأفواج لزيارته صلى الله عليه وسلم ، فخرجت أم سليم الأنصارية من بين هذه الجموع، ومعها ابنها أنس رضي الله عنهما فقالت:: «يا رسول الله إنه لم يبقَ رجل ولا إمرأة من الأنصار إلا وقد أتحفتك بتحفة، وإني لا أقدر على ما أتحفك به إلا ابني هذا، فخذه فليخدمك ما بدا لك»
فكان ولدها هذا " أنس بن مالك" الذي اشتهر بخادم رسول الله ، الذي لازم الرسول و تعلم على يده و روى عنه من الحديث الكثير.
أول إمرأة يكون مهرها الاسلام،تقدم لخطبتها بعد وفاة زوجها الأول "أبو طلحة زيد بن سهل" وكان لا يزال مشركاً و عرض عليها مهراً كبيراً فترده لأنها لا تتزوج مشركا تقول: "إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركا أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها آل فلان وأنكم لو أشعلتم فيها نارا لاحترقت" . فعندما عاود لخطبتها قالت: (يا أبا طلحة ما مثلك يرد ولكنك إمرؤ كافر وأنا إمرأة مسلمة ، فإن تسلم فذاك مهري، لا أسأل غيره)
فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى الله عليه وسلم ليسلم ويتشهد بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم - فتزوجت منه - وهكذا دخل أبو طلحة الإسلام وحسن إسلامه على يد زوجته تلك الصحابية الرائعة.
صبرها العجيب عند وفاة ولدها،خرج زوجها أبو طلحة و ترك ولده وولدها مريضاً فمات الولد فى غياب والده ....و عندما عاد أبو طلحة سأل عن ابنه المريض ..لم تخبره بوفاته بل تزينت وقدمت له العشاء ونال منها ما ينال الرجل من إمرأته ..و بعدها أخبرته بوفاة فلذة كبدها و كبده قالت: "يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت ، فطلبوا عاريتهم ، ألهم أن يمنعوهم"
قال : لا .
قالت : فاحتسب ابنك .فغضب وعجب كيف تمكنه من نفسها وولدها ميت، وخرج يشكوها لأهلها ولرسول الله صلى الله عليه وسلم .
فاستقبله النبي باسماً وقال: (لقد بارك الله لكما في ليلتكما) فحملت الروميساء بولدها (عبد الله بن أبي طلحة) من كبار التابعين وكان له عشرة بنين كلهم قد ختم القرآن وكلهم حمل منه العلم.
مجاهدة شجاعة،جاهدت مع الرسول فى غزواته .. ففي صحيح مسلم وابن سعد- الطبقات بسند صحيح أن أم سليم اتخذت خنجراً يوم حنين فقال أبو طلحة: يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر. فقالت: يا رسول الله إن دنا مني مشرك بقرت به بطنه.
ويقول أنس- رضي الله عنه-: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا فيسقين الماء ويداوين الجرحى).
رؤية الرسول لها فى الجنة،أروع ما قرأته عن تلك الصحابية و اقشعر منه بدني هو حديث رسول الله عنها حين قال: (دخلت الجنة فسمعت خشفة"حركة"، فقلت من هذا قالوا هذه الرميصاء بنت ملحان أم أنس بن مالك).
"و قال صلى الله عليه وسلم :"أريت أني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء إمرأة أبي طلحة"