الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أما بعد..
فإن مما يسر المسلم إحياء السنن ، وإظهار شعائر الدين ، ومن ذلك سنة الإعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأصحابه وبسلف هذه الأمة ، وقد شاهدت في الحرمين الشريفين هذه السُّنَّةَ واضحة جلية في صفوف الشباب ..
لكن رأيت عدداً منهم لم يفهموا معنى الإعتكاف ولم يدركوا الحكمة العظيمة من مشروعيته ، ومن ثمَّ وقعوا في أخطاء ينبغي التنبيه عليها لتفاديها ، ولهذا رأيت أن أكتب هذه الرسالة المختصرة في معنى الإعتكاف ، وحكمة مشروعيته ، وحكمه ، ومكانه ، ووقت الدخول والخروج ، وشيء من أحكامه ، ووظيفة المعتكف ، والتنبيه على بعض أخطاء الإعتكاف .
فالإعتكاف في اللغة: لزوم الشيء، والعكوف عليه، قال تعالى: " يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ "(1) يقال: عكف واعتكف: إذا لزم المكان.
وشرعاً: لزوم المسجد لعبادة الله تعالى .
وأما الحكمة من مشروعيته فإن للإعتكاف فوائد عظيمة، فإنه عُزلة مؤقتة عن أمور الحياة، وشواغل الدنيا، وإقبال بالكلية على الله تعالى، وانقطاع عن الإشتغال بالخلق، خصوصاً في ختام شهر رمضان، فهو متمم لفوائده ومقاصده، متدارك لما فات الصائم من جمعية القلب ، وهدوء النفس والإنقطاع إلى الله تعالى ، ولهذا قال بعضهم : الإعتكاف هو : "قطع العلائق عن كل الخلائق للإتصال بخدمة الخالق" .
وعلى هذا فالحكمة من مشروعية الإعتكاف التفرغ للعبادة من صلاة وذكر وتلاوة وغير ذلك ، وهذا لا يتم إلا بالعزلة عن الناس ، وهذه العزلة لا تتحقق إلا بمكان خاص يخلو فيه المعتكف كما يوجد في كثير من المساجد ، حيث يوجد فيها غرف خاصة يخلو فيه المعتكفون ، أما في مثل الحرمين الشريفين أو المساجد الكبيرة فإن الخلوة فيها متعذرة غالباً ، لكن إذا انتفت الخلوة الحقيقية أو الحسية فلا ينبغي تفويت الخلوة الحكمية أو المعنوية ، بمعنى أن يحرص المعتكف على الإنفراد بنفسه ولو كان معه غيره في المكان ، ولا يتم هذا إلا بإدراك معنى الإعتكاف وحكمته ووظيفة المعتكف ، ومنع النفس من الإسترسال في مخالطة الآخرين والرغبة في التحدث معهم .
وأما حكمه فمذهب الجمهور أنه سُنَّة مطلقة في كل الأزمان، وسُنَّة مؤكدة في العشر الأواخر من رمضان ، لأنه صلى الله عليه وسلم داوم عليه إلى وفاته ، قالت عائشة رضي الله عنها : «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ»(2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُل رَمَضَانٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، فَلمَّا كَانَ العَامُ الذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوماً»(3).
والأفضل الإعتكاف في رمضان في العشر الأواخر، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف في غير رمضان، إلا قضاءً لما اعتكف في شوال، ولا دليل على أفضلية الإعتكاف في غير رمضان لا من قول ، ولا من فعل ، والرسول صلى الله عليه وسلم أفتى عمر رضي الله عنه أن يعتكف في غير رمضان وفاءً بنذره لا أنه شَرْعٌ عام لكل الأمة.
ويجوز للإنسان أن يبطل اعتكافه ويخرج منه بدون عذر، ولا إثم عليه ، لأن الإعتكاف سنة ، والسنة يجوز تركها ، لكن الأفضل إتمامه إذا لم يكن هناك عذر لقطعه ، تحصيلاً للفضيلة ، وإظهاراً للرغبة في الطاعة .
وأما مكانه : فهو المسجد، وهو عام في كل مسجد، لقوله تعالى: " وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ "(4) وهذا لفظ عام، فمن خصصه بمسجد معين فعليه الدليل(5).
قال القرطبي: "أجمع العلماء على أن الإعتكاف لا يكون إلا في المسجد، لقول الله تعالى: "وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ"(6).
وذلك لأن الإعتكاف في غيره يفضي إما إلى ترك الجماعة، والجماعة واجبة ، والواجب لا يُترك للمندوب ، أو يفضي إلى تكرار الخروج إليها كثيراً مع إمكان التحرّز منه بالإعتكاف في مسجد جماعة ، والخروج منافٍ للإعتكاف الذي هو لزوم المسجد لعبادة الله تعالى.
ويجوز للمعتكف الخروج من معتكفه والتنقل في أنحاء المسجد ، والخروج إلى ساحته ورحبته المحوطة بسوره ، لعموم قوله تعالى ( وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)(البقرة: من الآية187) و ( في ) للظرفية ، فتشمل جميع المسجد .
و أما وقت دخول مكان الإعتكاف فإن المعتكف يدخل قبل غروب الشمس ليلة إحدى وعشرين ، لحديث أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: «...مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَليَعْتَكِفِ العَشْرَ الأَوَاخِرَ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ الليلةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا...»الحديث(7).
ويؤيد ذلك أن من مقاصد الإعتكاف في العشر الأواخر إلتماس ليلة القدر، وهي ترجي في أوتار العشر، وأولها ليلة إحدى وعشرين.
وأما وقت خروج المعتكف في العشر الأواخر فاستحب كثير من أهل العلم أن يكون خروجه من معتكفه عند خروجه لصلاة العيد، لكي يصل عبادة بعبادة.
والقول الثانِي: أنه يخرج إذا غربت الشمس ليلة العيد، لأن العشر تنتهي بانتهاء الشهر، والشهر ينتهي بغروب الشمس من ليلة العيد(، وهذا هو الأظهر -إن شاء الله- لقوة مأخذه، والله أعلم.
ومن أحكام الإعتكاف :
1- لابد أن يكون الإعتكاف في مسجد تقام فيه صلاة الجماعة – كما تقدم – فإن كانت تقام فيه الجمعة فهذا أولى ، لأن من أهل العلم من اشترط ذلك ، وإلا فلا يلزم ، لعموم قوله تعالى (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)(البقرة: من الآية187) ،
ويجوز له الخروج إلى صلاة الجمعة ، لعموم قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) (الجمعة: من الآية9)،
لكن هل له أن يبكر إلى الجمعة ؟
هذا محل خلاف ، والذي يظهر - والله أعلم – أن له ذلك ، لعموم أدلة إستحباب التبكير إلى الجمعة ، ولأنه قد انتقل من مكان عبادة إلى مكان عبادة ، واللبث حاصل في مسجد اعتكافه أو في هذا المسجد الذي انتقل إليه .
2- يجوز خروج المعتكف لحاجته مثل: البول والغائط ، وكذا الإتيان بطعام وشراب ، أو الإتيان بملابس من المنزل أو المغسلة، أو الإتيان بلحاف أو فراش أو نحو ذلك، إذا لم يوجد من يأتيه بشيء مما ذكر ، والأولى أن يأخذ المعتكف معه كل ما يرى أنه بحاجة إليه لقول أبي سعيد رضي الله عنه : اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط ، فلما كان صبيحة عشرين نقلنا متاعنا ، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( من اعتكف فليرجع إلى معتكفه ... الحديث )[9]. ويجوز الخروج لغُسْلٍ واجب لاحتلام ، ونحو ذلك إذا لم يكن في المسجد مكان للغسل، قالت عائشة رضي الله عنها : «وَالسُّنَّة فِي المُعْتَكِفِ: أَنْ لا يَخْرُج إِلا لحَاجَتِهِ التِي لابُدّ مِنْهَا»(10).
وعنها -أيضاً- رضي الله عنها قالت : «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يَدْخُلُ البَيتَ إِلا لحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفاً»، وفي رواية: «إِلا لحَاجَةِ الإِنْسَانِ»(11)، وفَسَّرَها الزهري
بالبول ، والغائط ، واتفقوا على استثنائهما ، وإنما الخلاف في غيرهما ، كالأكل والشرب(12).
3- إذا مرض أثناء اعتكافه فإن كان يسيراً لا تشق معه الإقامة في المسجد كصداع فهذا لا يخرج، لإمكان تعاطي الأدوية وهو في مكانه.
وإن كان شديداً تشق معه الإقامة لحاجته إلى الفراش والخادم ، وتردد الطبيب فهذا له الخروج ، فإذا شفي رجع وبنى على اعتكافه.
ومن خرج من معتكفه لغير عذر بطل اعتكافه باتفاق الأئمة، لأن هذا ينافي معنى الإعتكاف.
4- لا يبطل اعتكافه إذا خرج لواجب اشترطه ، كأن يعتكف في مسجد لا جمعة فيه ، ثم يشترط خروجه للجمعة ، ولو لم يشترط بطل اعتكافه(13).
أو المسنون: كزيارة مريض أو قريب ، أو شهوده جنازة ، أو تغسيل ميت ، ونحو ذلك مما لا يجب عليه، إلا أن يشترطه في ابتداء اعتكافه، والقول بجواز الإشتراط وصحته في الإعتكاف هو مذهب الجمهور.
واستدلوا بحديث ضباعة بنت ال...ر رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «حُجِّي واشْتَرِطِي»(14).
ووجه الدلالة: أنه إذا كان الشرط يؤثر في الإحرام وهو ألزم العبادات بالشروع فالإعتكاف من باب أولى(15).
وذهبت المالكية إلى أنه لا يجوز الشرط في الإعتكاف، ولا يصح لو اشترطه ،
قال الإمام مالك: "لم أسمع أحداً من أهل العلم يذكر في الإعتكاف شرطاً، وإنما الإعتكاف عمل من الأعمال مثل الصلاة والصيام والحج ، وما أشبه ذلك من الأعمال ، ما كان من ذلك فريضة أو نافلة ، فمن دخل في شيء من ذلك فإنما يعمل بما مضى من السُّنة ، وليس له أن يحدث في ذلك غير ما مضى عليه المسلمون، لا من شرط يشترطه ولا يبتدعه"(16).
وقول الإمام مالك قوي في نظري، لأن الإعتكاف عبادة ، والعبادات توقيفية ، والمرجع في أحكام الإعتكاف إلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد اعتكف مَرَّات عديدة ، ولم يُنقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه اشترط في اعتكافه ، وقد كان يخرج لحاجته ، ولم يرد أنه كان يشترط ذلك ، ثم إن الخروج الزائد على حاجة الإنسان التي لابد منها بناءً على الشرط ينافي الإعتكاف لغة وشرعاً ، والله أعلم.
5- إذا جامع المعتكف زوجته فسد اعتكافه ، لقوله تعالى: "وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ"(17) أي: لا تجامعوهن ، والنهي يقتضي الفساد ، وهو قول جمهور المفسرين.
قال ابن عباس رضي الله عنه : «إذَا جَامَعَ المُعْتَكِفُ بَطل اعْتِكَافُهُ واسْتَأنَف»(18) وليس عليه كفارة لعدم ورودها.
وكذا لو أنزل بمباشرة أي: دون الفرج، فسد اعتكافه باتفاق الأئمة، لأن هذا ينافي حقيقة الإعتكاف ، فإن باشر ولم يُنْزل لم يفسد اعتكافه ، وهذا قول الجمهور(19).
فإن أنزل بنظرة أو باحتلام أو بتفكر لم يبطل اعتكافه ، لكن إن كرر النظر فأنزل فالقول ببطلانه قوي(20) ، فإن كانت المباشرة بغير شهوة لم تبطل الإعتكاف إتفاقاً، «لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُخرِجُ رَأسَهُ لِعَائِشَةَ فَتُرَجِّلُهُ»(21).
وأما وظيفة المعتكف ، فهي أن يشتغل بالقُرَبِ والطاعات ، وهي كل ما يُتَقَرَّبُ به إلى الله تعالى من الأعمال الصالحة من صلاة ، وذكر، وقراءة ، وصيام ، وصدقة ، وغير ذلك .
وعلى المعتكف أن يُدرك حكمة الإعتكاف ، فيقضي وقته بما ينفعه ويفيده ، وله أن يطلب العلم ، ويقرأ في كتب التوحيد ، والتفسير، والحديث وغيرها من الكتب المفيدة في بعض الأوقات ، ما لم يشغله ذلك عن العبادة الخاصة.
وأما الإشتغال بما يتعدَّى نفعه كتعليم القرآن أو تدريس الفقه أو الحديث ونحوهم ا، فهذا موضع خلاف بين أهل العلم ، والأولى تركه مدة الإعتكاف إلا شيئاً يسيراً ، كإفتاءٍ أو شرح مسألة ونحو ذلك(22).
وعليه أن يجتنب ما لا يعنيه ولا يهمه من الأقوال والأفعال ، وهذا مطلوب من المعتكف وغيره ، لقوله صلى الله عليه وسلم : «مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ»(23).
فيجتنب المعتكف ما لا يعنيه من المباحات ، كاللعب والهزل وفضول الكلام.
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض المعتكفين :
1- عدم إدراك معنى الإعتكاف وحكمة مشروعيته ، فترتب على هذا تفريط كثير من المعتكفين بقدر كبير من الطاعات التي يعتبر الإعتكاف فرصة للقيام بها .
2- كثرة النوم بالنهار والسهر بالليل في غير طاعة عدا الصلاة مع الإمام وقت التهجد ، وهذا خلاف ما ينبغي للمعتكف ، وهو تقليل النوم وحفظ الأوقات بالإستفادة منها ، لأنها أيام قلائل .
3- المبالغة في إستعمال الهاتف النقال في غير فائدة ، وأنا أرى أن الإعتكاف لا تتحقق حكمته ويحصل المقصود منه مع وجود الهاتف النقال بالصورة الموجودة الآن ، ويمكن للمعتكف أن يتصل بأهله عند الحاجة بالطريقة التي يراها .
4- كثرة التنقل داخل المسجد من مجموعة إلى مجموعة ، والإكثار من فضول الكلام وما لا فائدة فيه ، مما يكون سبباً في إضاعة الوقت والتفريط في الدقائق الغالية . أما التحدث أحياناً مع بعض المعتكفين أو مع الأهل فهذا لا بأس به ، لما ثبت في الصحيحين من أن زوجة النبي صلى الله عليه وسلم صفية رضي الله عنها زارت النبي صلى الله عليه وسلم في معتكفه وتحدث معها[24] .
5- عدم وضوح جانب التعبد لدى كثير من المعتكفين ، ولاسيما الإكثار من تلاوة القرآن وصلاة النفل .
6- إمضاء بعض الوقت في قراءة الكتب ، وفي رأيي أن هذا غير مناسب لمن هذه صفته ، وإنما يتسامح فيه لمن يستفيد من الوقت في الطاعة .
7- من الناس من يعتكف وأسرته أهله بحاجة إليه ، أو ينهاه والده عن الإعتكاف لأسباب مقنعة ، فمثل هذا قد فعل سنة ، وترك واجباً ، فلا ينبغي له أن يعتكف ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ( إن لنفسك عليك حقاً ، ولربك عليك حقاً ، ولأهلك عليك حقاً )[25] ،
أما المتفرغ فالإعتكاف في حقه مشروع ، ومن احتاجه أهله أول العشر ثم حصل الإستغناء عنه في أثنائها اعتكف بقية العشر ، وهو مثاب على ذلك إن شاء الله .
------------------------------
(1) سورة الأعراف، الآية (138).
(2) أخرجه البخاري (2026)، ومسلم (1172).
(3) أخرجه البخاري (2044).
(4) سورة البقرة، الآية (187).
(5) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (1/302)، وقد أخرج الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (7/201)، والبيهقي في "سننه" (4/316)، عن أبي وائل قال: "قال حذيفة لعبد الله-أي: ابن مسعود رضي الله عنه -: الناس عكوف بين دارك ودار أبي موسى لا تغير، وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا اعتِكَاف إلا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومسجد بيت المقدس» قال عبد الله: لعلك نسيتَ وحفظوا، أو أخطأت وأصابوا " وهذا يفيد أن الاعتكاف خاص بالمساجد الثلاثة، لكن أجيب عنه أجوبة منها:
1- أنه مختلف في رفعه ووقفه، والصواب وقفه.
2- أن ابن مسعود رضي الله عنه لم يقبل رواية حذيفة، بل ردّها، وقال: «لعلك نسيت وحفظوا، أو أخطأت وأصابوا؟» ، ولو ثبت رفع الحديث لما تجاسر على ذلك ، وهو من أئمة الصحابة وفقهائهم، وقد أفتى بخلاف ذلك. 3- لو فرضنا صحته فهو محمول على الأفضلية، فالاعتكاف في المساجد الثلاثة أفضل كالصلاة فيها، ولو كان ثابتاً لما أجمعت الأمة بعلمائها على ترك العمل به.
4- أنه لو قيل بموجب هذا الحديث للزم منه ترك العموم في الآية، وحملها على القليل النادر، وهذا من معايب الاستدلال، انظر: "الشرح الممتع" (6/504)، "فقه الاعتكاف" للشيخ: خالد المشيقح ص(120-122).
(6) سورة البقرة، الآية (187)، "الجامع لأحكام القرآن" (2/333).
(7) أخرجه البخاري (669)، ومسلم (1167).
(
انظر: "الإستذكار" (10/295) ، "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (20/170) ، "فقه الإعتكاف" ص(61).
( 2 ) رواه البخاري ( 2040 ) ومسلم ( 1167 ) وهذا لفظ البخاري.
(10) أخرجه أبو داود (2473) بإسناد جيد على شرط مسلم، انظر: "الإرواء" (4/139).
(11) أخرجه البخاري (2029)، ومسلم (297)، والزيادة له.
(12) انظر: "فتح الباري" (4/273).
(13) "الإنصاف" (3/366).
(14) أخرجه البخاري(5089)، ومسلم(1207).
(15) "فقه الإعتكاف" ص(169).
(16) "الموطأ" (1/314).
(17) سورة البقرة، الآية (187).
(18) أخرجه عبد الرزاق (4/363)، وابن أبي شيبة (3/92) وسنده صحيح.
(19) انظر: "المغني" (4/475).
(20) "كشاف القناع" (1/361).
(21) أخرجه البخاري (295)، ومسلم (297).
(22) "فقه الإعتكاف" ص(216).
(23) أخرجه الترمذي (7/23)، وابن ماجه (3976) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وهو حديث صحيح لغيره، لأن له شواهد عن جماعة من الصحابة .
1 رواه البخاري ( 2038 ) ومسلم ( 2175 ).
1 رواه البخاري ( 5199) ومسلم ( 1159 ) ( 181 ) .
عبد الله بن صالح الفوزان