و لازلنا نواصل الصمت..
....و في لحظة ما ، عادت بي الذاكرة...حين اغرورقت عيناي بدموع ألم...بدموع حسرة قاتلة...حين حاصر الصمت الاف الصرخات المكبوتة...حين سيطر العجز على جميع أعضاء جسدي...فقط عيناي كانتا تعبر عن الألم الذي أعيشه...عن الحزن الذي أخذ دور البطولة في تلك الأيام...كنت أراقب بصمت مرير دوران الساعة ...أعد معها الدقائق ...الثواني... فقط كي أشغل التلفاز على قناة الأخبار كل ساعة ....و طالما كانت تزيد تلك الأخبار من معاناتي النفسية...طالما كانت تحطم الأمل داخلي في تغيرنا نحو الأفضل...تكسر ذلك الحلم بأننا يوما ما سنتحد...سنرفض الاهانة و الظلم...سنكون حقا يدا واحدة ...لكن رغم ذلك الانكسار ...كنت أتمسك بأمل طفيف ...ربما كنت أخدع نفسي أو أحاول الايمان بأكذوبة ما...فقط كي أتمكن من العيش على أمل...و لكن...
...و مضت أيام ...ووجدت نفسي هذه المرة ، أقاسي أكثر من المرة السابقة ...أخرج عن صمتي لأشتم بحزن شديد ...لأصل حد اللعنة ...ثم أصمت...أو بالأحرى أكتفي بالاحساس بالعار...بالخجل....بالحبن...و الهوان لنفسي...لكن ككل مرة لا أدري لما كنت أترك أملا منكسرا ...أجبره بنفسي ببلاط أسود يحمل ككل مرة العار العربي...أجبره بخلطة الخنوع ، الذل و الهوان العربي...و أضيف عليه دموعا مالحة طالما كانت تزيد الألم ...دموع على الأمة العربية ...
....و ها نا الان ...بيدي أعيد كسره...بل تحطيمه...أودعه فقد اكتفيت كذبا على نفسي أنه موجود ..حتى قلمي اكتفى من كتابة أساطير حول نهوض الأمة العربية...حول الاتحاد العربي...حول انزياح الخوف من تلك القوة الاسرة لنا...
....أبدا لم يكن الفيلم مسيأ للرسول المحمي من عند خالقه...أبدا لم تكن الرسوم المسيئة يوما تقليلا من قيمته صلى الله عليه و سلم..أبدا لم تكن أقوالهم..أفكارهم...مسيئة للحبيب المنصور من عند حاميه..بل وحدها كانت المسيئة لنا...وحدها كانت المؤكدة لضعفنا...لخوفنا...لجبننا الذي طالما كان المعنون لردود أفعالنا اثر اسائتهم المتواصلة لنا....طالما كانوا يثبتون المقولة الشهيرة-اتفق العرب على أن لا يتفقوا-....كعادتنا ..لا نجيد غير التنديد و ان غضبنا أكثر...أو أحسسنا بقمة الاهانة...أضفنا الى كلمة التنديد - بشدة-....أجل حين نشرت الصحف الدنماركية الرسوم الكاريكاتورية نددنا و حين نشرت فرنسا كتابا لمؤلف مغربي يسيء فيه للرسول أيضا نددنا و هاهو اليوم يذاع الفيلم و تكرر الصحف الفرنسية الرسومات بحجة الحرية فيالتعبير و نحن ؟؟...لا نزال نندد بشدة...و لا نزال تحت سيطرة الخوف منهم ....لم نستدع حتى سفارئهم...لم نعبر حتى عن استياءنا الشديد ....
....وقفت حائرة البارحة أمام سؤال أخي الصغير الذي كنت أدرسه عن المجتمع المسلم...عن الأمة العربية..ورحت أنافقه أننا مجتمع متماسك ببعضه البعض...أننا متمسكون بديننا...برسولنا...أننا يجب أن نرتقي بأخلاقنا..أجل كنت أحس بنافق له ...لا لشيء ..فقط لكونه يجب أن يكذب هو الاخر على الأستاذ و يجيبه بأسئلة كاذبة تقول أننا مجتمع متماسك..أمة عنوانها الاتحاد و القوة...ليجيبه الأستاذ مدعيا التصديق بتلك الكذبة القاسية حقيقتها –جيد..أحسنت- ....ليفاجئني بجواب أربكني..جواب براءة لم يتجاوز بعد الحادية عشر :
...ان كنا أقوياء لما لم نتمكن بعد رغم كثرة عددنا من هزيمة العدو أو كما وصفه الوحوش لنحرر القدس...؟...قال لنا الله و الرسول أننا يجب أن نساعد بعضنا البعض لماذا اذن أرى في طريقي للمدرسة أشخاصا متخاصمين و لا أحد حاول التدخل ؟ ....أما اخر سؤال فردد : لما نحن ضعفاء و ندعي القوة ؟ .....ووقفت عاجزة عن الاجابة ...ليكمل قوله ..ستصبحين أستاذة عما قريب فهل ستكذبين أنت أيضا على تلاميذك مثلما يفعل أستاذنا؟؟...
....بكل ضعف...بكل حزن ....طلبت منه أن يأخذ فترة استراحة لنعود فيما بعد للدراسة....و لا أدري السبب ؟ ..أهو الهروب من أسئلته؟ أهو الهروب من الأجوبة المرة ؟ أهو الخوف عليه من أسئلة جريئة قد تكلفه بضع ضربات بأنبوب أستاذه الذي قد يعتبرها تطاولا ...بينما هي حقيقة .....
....و لا نزال نواصل الصمت ككل مرة....لازلنا نعبر و نفصح عن خوفنا...جبننا ...نجر ككل مرة أذيال الهزيمة ....وبدل أن نسعى لتحقيق الحلم العربي....نقتله يوما بعد يوم...
2012-09-24 صرخة صمت