- حوريـــــة –
كانتْ حورية تعيش السلام و الأمان، تَنْعَم بدفء أبنائها، و بأرضها الشاسعة و وفْرة خيراتـها، و كانتْ من اللواتي يسعى الكثيرون للفوز بها و الاستحواذ عليها، غير أنَّ حال حورية لم يدم طويلا فقدْ كانتْ مَـحلَّ أطماع الكثيرين.
و إذا بعدوٍّ جائر يسطو عليها و يسيطر على أبنائها مدة قرن و اثنين و ثلاثين سنة، و هي تبكي و تَنُوح: هل من مُنقذٍ لي و أبنائي؟ ربَّاه كيف أَخْلصُ من ربْـقَة هؤلاء؟ ظلَّتْ حورية صامدة صابرة في وجْه هؤلاء لصدِّ كبريائهم و عُنْفُوَانِ ذاتـهم و هي تقول: يا أبنائي كونوا صفاً واحداً حتى تتجمَّع قِوَاكم و تُـذِلُّوا عِدَاكم.
لبَّى الأبناء النداء، و صرخوا صرخة فداء، تعكس رفضهم لهؤلاء، فكانت النتيجة أنْ فُـكَّتْ أمهم من رِبْقَة هؤلاء، و أصبحتْ حرَّة طليقة، و استيقظ أبناؤها على زغردة النساء فرحين بما مَـنَّ الله عليهم و مُردِّدِين: " تحيا حورية حُرَّة مُستقِلة ".
عاشتْ حورية أياماً سعيدة و هدوءاً تاماً لتواصل البناء و التشييد، لكنْ انظروا ماذا حَدَثَ لحورية؟ هي نكبة و أيُّ النكبات؟! سقطتْ حورية سقطة أخرى في ظل زمنٍ حافلٍ بالأحداث و التغيرات و كانتْ هذه الوقْعَة إثر شقاقٍ و نزاعٍ بَيْن الأبناء، و أيُّ الأبناء؟ أبناءُ حورية الذين ثاروا في وجه الأعداء، فعاشتْ حورية تتخبَّط في شبح التشتت و الضياع، و الفرقة و النـزاع، و أخريات مثل حورية يشاهدن و يتساءلن!! أَ هذه هي حورية التي ثارتْ ثائرتها يوماً و هزمتْ الأعداء؟ و أيُّ سؤالٍ يُطرَح في حال حورية التي عاشتْ الأمَرَّين: ضغْط عدوٍ جائرٍ في حقها يسعى لنهبها و سلبها أمْ ضغْط أبناءٍ لطالـما حلمتْ بأنْ تكون الأم الأحسن و الأوفى لـهم؟
فبَيْنَ صراعِ هذا و ذاك جاءتْ حمامة سلام لتحطَّ في أرض حورية مُمَثلة في ذلك الرجل العظيم ذو الحِنْكَة و الحكمة الصائبة الذي أزال عن حورية تلك الغمامة السوداء و الحزن البليغ الذي رافق حورية لبضع سنين، إنه الابن البَّار بأمِّه حورية الذي عاش الزمنين و عرف مَقاصدَ الدنيئين، فما أَعْظَمَكَ أيُّها الرَّجل العظيم! من ابن بار و أدامك الله لأمك حورية.
الأستاذ حاكمي إسماعيل
ترقبوا جديد الأخبار على هذا الشريط ..
