الشيخ ناصيف اليازجي
ناصيف بن عبد الله اليازجي، ولد سنة 1800م في قرية "كَفر شيما" قرب بيروت من أب كان يتعاطى الطب العربي، و يَنظمِ الشعر.
نشأ على حب العلم، أخذ مبادئ القراءة على يد راهب من "بيت شباب" اسمه "متى"، ثمّ انصرف إلى المطالعة و إلى زيارة المكتبات للتحصيل، و ساعدته قوة الذاكرة و حدّة الذكاء على الحفظ و الاستزادة من كل علم و فن، ولم تمض مدة وجيزة من اللوقت حتى أصبح الشيخ "ناصيف" إماما في اللّغة و النحو و البيان و قد نظم الشعر منذ حداثته، فطارت شهرته في لبنان.
استدعاه الأمير بشير الشهابي سنة 1828م إلى قصره "بيت الدين" فكان بلبل البلاد و شاعرها، و في سنة 1840م بعد نفي الأمير إلى مالطا، انتقل إلى بيروت، و انصرف إلى المطالعة و التأليف، و درّس العربية في المدرسة الوطنية للمعلم "بطرس البستاني"، و أثناء ذلك وضع كتبه المتعددة في فروع علوم اللغة العربية من قواعد و بلاغة، و في المنطق، و عانى في أواخر حياته من الفالج النصفي مدة عامين، و توفي سنة 1871م.
و للشيخ اليازجي –فضلا عن مؤلفاته المذكورة- مقامات بعنوان "مجمع البحرين" فيها ستون مقامة، و ديوان شعر حافل بالحكم.
هذه الأبيات مختارة من قصيدة تبلغ 25 بيتا عنوانها لا لقاء بلا فراق، كتبها مجيبا أحد أصدقائه عن أبيات بعث بها إليه من البلاد الإفرنجية، يبث فيها بعض آرائه في الحياة و سلوك الناس.
لعمُرك ليس فوق الأرض باق...و لا ممّا قضــــــــــاه اللهُ واقِ
و ما للمرءِ حظٌّ غيرُ قـــــــوتٍ...و ثوبٍ فوقَه عقدُ النِطـــــــاقِ
و ما للميْتِ إلاّ قيدُ بـــــــــــــاعٍ...و لو كانت له أرضُ العــراق
و كم يمضي الفراقُ بلا لقـــــاءٍ...و لكن لا لقاءَ بلا فـــــــــراقِ
أَضَلُّ النّاسِ في الدّنيا سبيــــــلاً...مُحِبٌّ باتَ منها في وَثـــــــاقِ
و أخسرُ ما يَضيعُ العُمرُ فيـــــه...فضولُ المالِ تُجمعُ للرّفـــــاقِ
و أفضلُ ما اشتغلتَ به كتــــــابٌ...جليلٌ نفعُهُ حُلوُ المـــــــــذاقِ