ابن زيدون
الشاعر الكاتب ذو الوزارتين، أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون المخزومي الأندلسي، ولد سنة 394هــ (1003م) في بيت علمٍ و جاهٍ و غنىً، و نشأ في مدينة قرطبة، حيث كان والده من فقهائها.
اغترف العلمَ و الأدبَ على أيدي كبار العلماء و الأدباء، فأجاد الكتابة و نظمَ الشعر في سن مبكرة، بفضل ما حظيَ به من مواهب و ذكاء و ثقة بالنفس.
و لما ذاعت شُهرتُهُ قرَّبه إليه "أبو الحزم بن جَهور" أحد ملوك الطوائف بالأندلس، فاستَوزره ووزر له الشاعر، و لكن الوزير "ابن عبدوس" أوغر عليه صدر الملك فسجنه، وظل ابن زيدون يستعطفه بقصائد بديعة، و يسترضيه برسائل رقيقة، و لكنه لم يظفر بعفوه، ففر من السجن، و لجأ إلى "المعتضِدِ بن عَبّاد" ملك إشبيلية، الذي قربه و ألقى إليه مقاليد الوزارة. و لما صدر المُلك إلى ابنه "الُعتمد بن عبّاد" وزر له أيضا، و قضى في إشبيلية بقية عمره، حتى مات بها سنة 463هــ.
أهم آثاره رسائلُهُ النثرية، و ديوانه الذي يجمع قصائد في أغراض مختلفة تمتاز بصدق العاطفة و الحس المرهف و أناقة الخيال و متانة الأسلوب.
وقع ابن زيدون في حب بنت "المستكفي بالله" آخر خلفاء بني أمية في الأندلس، و كانت إحدى شهيرات عصرها في الأدب و الشعر و المناظرة، مما جعل الكثير من مشاهير عصره ينافسونه في التقرب إليها، و على رأسهم الوزير "ابن عبدوس" الذي كادَ له عندمها، و قد أدّى ذلك إلى وقوع القطيعة، ففجّر ينابيع من الشعور الفياض قصائد صادقة، بعث بها إليها، يؤكد وفاءه لها و بقاءه على العهد.