تنس مدينة تاريخية بمعنى الكلمة و يعود تاريخها إلى حوالي 9 آلاف سنة قبل الميلاد و كانت تنس موجودة في عهد النبي موسى عليه السلام و لعبت تنس أدوارا تاريخية غاية في الأهمية عبر تاريخ الإنسانية و شهدت حضارات متتالية و تداولت علها امم مختلفة و لطالما أعتبرت تنس محورية منذ الأزمة الغابرة وإلى غاية ثورة التحرير الوطنية و مع ذلك تبقى تنس مغمورة بالظلام و التعتيم و تاريخها و ارشيفها حبيس الأدراج و الرفوف ....طمست معالمها و سرقت مخطوطاتها و هدمت معالمها و شوّه تاريخها من طرف قوى خفية ونحن ابناء تنس نريد بعث تنس من جديد بعدما نحطم أصفادها.
كما تعتبر مدينة تنس منارة علم و حضارة ولا شكّ في ذلك لأنها أنجبت لنا علماء أجلاء عبر العصور و خلّفت لنا تراثا حضاريا زاخرا طمس الكثير منه على مرّ الزمن ولاسيما في العهد الإستعماري. ولأن تنس مدينة علم و حضارة شدت إليها أنظار المحيطين بها من إمارات و دول و هاهو ذا سلطان تلمسان يغمراسن يجهز موكبا عسكريا في حدود 1420 و يتجه إلى تنس ليصطحب معه العالم الجليل الحافظ التنسي إلى تلمسان لينشر فيه العلم و المعرفة و ها هي تنس العتيقة تجذب العالم الجليل سيدي بلعباس السبتي الذي قصدها للتدريس في جوامعها و زواياها الكثيرة و ها هو ذا العالم الجليل سيدي أحمد بومعزة يتخرج على يديه 80 عالما في شتى التخصصات الدينية والفقهية و اللغوية ....أهل تنس صنعوا الحضارة و لم يستهلكوها فلقد كانت لهم موازينهم الخاصة و صناعاتهم الخاصة و عملتهم الخاصة التي يتم سكها في تنس.
معالم مدينة تنس
كانت مدينة تنس العتيقة مدينة محصنة أي محاطة بسور منيع تتخلله قلاع و ابراج مراقبة و بوابات رئيسية خمسة و هي باب البحر ، باب ناصح، باب الخوخة ، الباب الشرقي و بابا القبلة و كانت قلعة تنس تقوم على ربوة في الناحية الشرقية تسمى حاليا سيدي عزوز و لها ممر (سرداب) يؤدي إلى وادي علالة و يسميه أهل تنس " غار بن يزلي" و قامت سلطات الإحتلال الفرنسي بغلقه أيام ثورة التحرير المباركة و لم يبق منه سوى رواق على طول حوالى 08 امتار و ارتفاع حوالى متر و نصف . البوابات المذكورة إندثر معضمها و لم يبق سوى باب البحر المشرف على الناحية البحرية لتنس أما باب الخوخة و بابا القبلة أصبحت مجرد أطلال و أكوام من الحجارة و الكتل الصخرية و باب البحر لا يزال قائما إلى يومنا هذا و كان يتكون من طابقين طابق أرضى للمرور و له ثلاث مداخل ، مخل شرقي و مدخل شمالى ومدخل جنوبي و طابق علوى كان يستعمل كبرج للحراسة و المراقبة لكنه تهدم في الأربعينيات من القرن الماضي و لم يبق من باب البحر سوى الطابق الأرضي. و بجوار باب البحر نجد مدافع إسلامية مرقمة بالارقام الهندية و هي في حالة تنكيس (منكسة) أي مغروسة في الأرض على الفوهة في مدخل المدينة و يوجد مدفعين آخرين من نفس النوع و في نفس الوضعية على مدخل مسجد سيدي معيزة العتيق.
تزخر مدينة تنس بمعالم عمرانية جد مهمة ولو أن بعضها مهدد بالزوال والإنهيار بسبب التفريط فيها و من اهم المعالم:
لدينا برج باب البحر و تمثال مريم العذراء و مسجد سيدي معيزة وقصر الباي و قلعة الرياشة و المقبرة الفنيقية و منارة تنس و سور تنس و المتحف البلدي و ملجأي الحرب بالإ ضافة إلى معالم أخرى اقل حجما مثل مسجد لالة عزيزة و غار بن يزلي و عين السخونة ...و غير ذلك.
اردت أن أسلط الضوء على هذه المعالم العمرانية والأثرية التي تقاوم الزمن و النسيان و التفريط الفادح فيها ...إنها تشكل جزءا مهما من ذاكرتنا الجماعية و تاريخنا المجيد ...إننا نريد حمايتها و صيانتها و نفض غبار النسيان عنها لأنها عنوان كينونتنا و خاتم أصالتنا .