قال الكاتب ديفد إغناتيوس في مقال له بصحيفة واشنطن بوست الأميركية إن هناك شعارا جديدا يتردد في أوساط الحكومة الإسرائيلية بشأن إيران وهو "القصف أم القنبلة؟"، أي هل تقصف إسرائيل منشآت إيران النووية أم تنتظر قنبلتها النووية؟
ويرى الكاتب أن خيار توجيه ضربة لإيران ما زال مطروحا لدى حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رغم النجاح الذي تحققه العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران من أكثر من جهة، والذي من المتأمل أن يجر إيران إلى طاولة المفاوضات.
وينقل الكاتب عن مجموعة من المراقبين الإسرائيليين اعتقادهم القوي بأن خيار توجيه ضربة لإيران ما زال قائما وبقوة، وبحسب الرئيس السابق للموساد إيفرام هاليفي فإن الأمر "ليس خدعة، وهم (الحكومة الإسرائيلية) جادون بشأنه".
ويجمل الكاتب ما يقول إنه رأي ستة خبراء التقى بهم على مدى الأسبوع الماضي: على العالم أن لا يسترخي ويفترض أن المواجهة مع إيران قد أجلت إلى السنة القادمة. هنا في إسرائيل الضوء الأحمر لا يزال منارا.
الخط الأحمر عند أوباما في برنامج إيران هو أن يعطي خامنئي ضوءا أخضر لإنتاج قنبلة نووية وهو ما لم يحدث (الأوروبية)
وقد حرص المسؤولون الإسرائيليون على أن تدرك إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن الجو العام في إسرائيل لا يزال يصب في اتجاه توجيه ضربة لإيران خلال العام الجاري. وعندما زار مسؤول إسرائيلي واشنطن مؤخرا وتم إبلاغه بأن المزاج في واشنطن نحو توجيه ضربة لإيران لم يعد كما كان في الربيع الماضي، حرص المسؤول الإسرائيلي على أن تفهم الإدارة الأميركية أن مزاج وموقف حكومة نتنياهو من هذه المسألة لم يتزحزح "قيد أنملة".
ويرى الكاتب أن إسرائيل ترى أن نجاح مفاوضات الدول الغربية فيما يعرف بمجموعة 5+1 مع إيران لن ينهي الخطر الإيراني. فحتى لو وافقت إيران في النهاية على وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وصدّرت مخزونها من هذه المادة كما تطالب الدول الغربية، فسوف تظل تمتلك كميات من اليورانيوم المنخفض التخصيب، الذي يمكنها في ظرف سنة تقريبا أن تطوره إلى يورانيوم مخصب لدرجة كافية ليستخدم في قنبلة نووية.
ومن هذا المنطلق فإن نتنياهو يسعى إلى عكس عقارب ساعة البرنامج النووي الإيراني وإرجاعها إلى الوراء بحيث تتخلص إيران من أي مخزون لديها من اليورانيوم المخصب وبأي نسبة مئوية، فإذا لم تتمكن المفاوضات من تحقيق ذلك الهدف فإن نتنياهو مقتنع بأنه سيحققه بنفسه عن طريق توجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية.
ويستعرض الكاتب الاختلاف في وجهات النظر بين أوباما ونتنياهو بشأن إيران، ويقول إن الخط الأحمر بالنسبة لأوباما هو إعطاء المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي الضوء الأخضر للبدء في تصنيع قنبلة نووية، وهو الشيء الذي لم يحدث إلى حد الآن. أما بالنسبة لنتنياهو فالخط الأحمر هو وصول إيران لنقطة امتلاك المقومات التي تؤهلها لصنع قنبلة نووية، حتى لو كانت تلك المقومات تستخدم في برنامج مدني لأغراض مشروعة، حيث يخاف نتنياهو من ازدواجية الاستخدام وأن تقوم إيران في غفلة من الزمن بتغيير مسار برنامجها المدني ليصبح عسكريا.
الخط الأحمر عند نتنياهو هو مجرد امتلاك إيران التكنولوجيا النووية (الفرنسية)
ويكمل الكاتب، بالنسبة لنتنياهو فإن إسرائيل الآن تقف على المحك، وأنه مستعد من أجل ذلك للدخول في حرب دون أن ينتظر دعما من أحد، لأنه لا يميل إلى رهن أمن إسرائيل للآخرين. لكن اتجاه نتنياهو لا يحظى بدعم أوساط إسرائيلية بينها مؤيدة لحكومته، حيث يرى البعض أن توجهات نتنياهو تضع قدرة الردع الإسرائيلية في موقف ضعيف وتبطل قوتها وتضيّع هيبتها.
أما وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك فيريد أن يمنع إيران من الوصول إلى "درجة المنعة" التي تتمثل في تشغيلها أجهزة الطرد المركزي في مجمع فوردو بكامل طاقتها، وهي المرحلة التي من المتوقع أن تصل إليها إيران في نهاية العام الجاري، وعلى هذا الأساس فإن المسؤولين الإسرائيليين أوضحوا في مناسبات سابقة أن نقطة الصفر "ليست في غضون أسابيع، ولكنها ليست في غضون سنين أيضا".
ويخاطب الكاتب نتنياهو ويذكره بالخطأ الذي ارتكبه رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحيم بيغن الذي لم يكن أقل إخلاصا من نتنياهو لإسرائيل. وكان الخطأ عندما ظن بيغن أن غزو لبنان عام 1982 سيصب في حماية أمن ووجود إسرائيل، ولكن النتائج كانت كارثية. ويرى الكاتب أن هناك احتمالا كبيرا بأن تكون نتائج الهجوم على إيران ليست أقل كارثية من تلك التي نتجت عن غزو لبنان، وينقل الكاتب عن هاليفي قوله إن الهجوم على إيران سيكون بأي حال من الأحوال "حدثا سيغير مجرى التاريخ للقرن الحالي".