بلغت حرب الإنتاج داخل منظمة "أوبك" أشدّها نهاية الأسبوع الماضي، بعد تصريحات نُسبت لوزير الطاقة الفنزويلي التي قال فيها "إن الذين يعملون على رفع الإنتاج داخل المنظمة كمن يطلق النار على قديمه"، في إشارة إلى العربية السعودية التي ترفض تخفيض إنتاجها رغم خسارة الأسعار لأكثر من 37 دولارا من أعلى مستوى بلغته نهاية مارس الماضي بعد زيادة التوقعات بتراجع الطلب على النفط تحت ضغط تباطؤ النمو في الولايات المتحدة وأوروبا والصين.
وقال وزير الطاقة الفنزويلي رفاييل راميريز، إن منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" قد تعقد اجتماعا استثنائيا في الربع الثالث من العام، إذا ظلت الأسعار العالمية للنفط الخام منخفضة، مضيفا أن بلاده تريد أن تحدد منظمة أوبك نطاقا سعريا بين 80 دولارا و120 دولار للبرميل، لوقف تراجع أسعار الخام في الوقت الراهن، إحياء لسياسة تخلت عنها المنظمة منذ 2005 .
وقال البروفسور عبد الرحمان مبتول في تصريحات لـ"الشروق "، إن انعكاسات الأزمة على الجزائر أخطر مما يتوّقعه الساسة، بسبب ارتباط حرب الإنتاج ومستوى الأسعار بجو الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية، والضغوط التي مارستها إدارة الرئيس باراك أوباما على حليفها الاستراتيجي في الأوبك العربية السعودية أكبر منتج للنفط في المنظمة بطاقة نظرية تصل إلى 12 مليون برميل في اليوم، مضيفا أن العزلة الخطيرة التي تعيشها الجزائر داخل منظمة "أوبك" مرتبطة بالظروف الجيوستراتيجية التي تعيشها المنطقة العربية ومنطقة الساحل، والتي أصبحت تمثل تهديدا مباشرا للنظام الجزائري الذي يحاول إدارة ظهره للإستراتيجية الأمريكية في المنطقة.
وأكد المتحدث أن لعبة الأسعار، وعلى الرغم من وجود علاقة بينها وبين الحالة السيئة للاقتصاد العالمي، إلا أنها ستستعمل كطريق أسهل لتركيع الجزائر التي فشلت في تنويع اقتصادها خلال العشرية الماضية، رغم مداخيل استثنائية بلغت في الفترة بين 2000 ونهاية 2012 ما يعادل 600 مليار دولار، مشددا على أن الفشل يعود بحسب هيئات ولية مرموقة إلى حالة الفساد الرهيبة التي عرفتها البلاد خلال العقد الأخير، والتي قضت على أية فرصة لإقلاع اقتصادي حقيقي.
وكشف مبتول، أن تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى مستويات تتراوح بين 80 و100 دولار لن يتسبب فقط في توّسع عجز الموازنة الجزائرية، بل سيرغم الحكومة على وقف آلاف مشاريع الخماسي الثالث وتأجيل إطلاق المشاريع غير الإستراتيجية التي كانت مبرمجة في السياق ذاته.
وعاد البروفسور مبتول، إلى تأكيد أن الجزائر لا يمكنها الوقوف لوحدها في وجه إستراتيجية غربية محبكة تجاه المنطقة، وخاصة بعد فشلها في تنويع اقتصادها والخروج من دائرة الارتباط التام بالمحروقات، منتقدا بشدة عمل الحكومات التي تعاقبت منذ 2000 وفشلها في وضع إستراتيجية اقتصادية ناجعة تسمح بالحفاظ على البلاد، التي أصبحت مهددة بحسب المتحدث بانفجار اجتماعي أعنف من الذي عاشته بداية التسعينات، بمجرد أن يجف صندوق ضبط الموارد الذي يستعمل حاليا لرشوة المجتمع وتأجيل الانفجار بدون الوقوف عند المشاكل الحقيقية.
ويقول مبتول، إن الجزائر تعيش وضعا غير طبيعي منذ ثلاثة أشهر، فالاقتصاد يسير بدون حكومة، وهو ما يؤكد أن الحكومات مهما اختلفت هي مجرد آلات لإنفاق المال العام ليس إلا، بدون القدرة على وضع أي تصور للتنمية الحقيقية بمعزل عن "سوناطراك" التي أصبحت هي الجزائر.