قصيدة رثاء المهلهل أخاه كليبا
أَهَــاجَ قَـــذَاءَ عَيْنِي الإِذِّكَارُ
هُدُوّاً فَــــالدُّمُوعُ لَهَا انْحِدَارُ
أَهَاجَ قَذَاءَ عَيْنِي الإِذِّكَــــارُ
كـــأنَّ الليلَ ليسَ لهُ نهـــــارُ
وَصَـــارَ اللَّيْلُ مُشْتَمِلاً عَلَيْنَا
تقـــــاربَ منْ أوائلها انحدارُ
وَبِتُّ أُرَاقِبُ الْجَوْزَاءَ حَتَّى
تَبَايَنَتِ الْبِــــلاَدُ بِهِمْ فَغَارُوا
أُصَــرِّفُ مُقْلَتِي فِي إِثْرِ قَوْمٍ
كأنْ لمْ تحوها عني البحارُ
وَ أبكي وَ النجــومُ مطلعاتٌ
لَقَادَ الخَيْلَ يَحْجُبُهَا الغُبَــارُ
عَلَى مَنْ لَوْ نُعيت وَكَانَ حَيّاً
وَ كيــــفَ يجيبني البلدُ القفارُ
دَعَوْتُكَ يَا كُلَيْبُ فَلَمْ تُجِبْنِي
ضنيناتُ النفوسِ لـــــها مزارُ
أجبني يا كـــــــــليبُ خلاكَ ذمٌّ
لقدْ فجــــــــــعتْ بفارسها نزارُ
أجبني يا كــــــــليبُ خلاكَ ذمُّ
وَيُســــْراً حِينَ يُلْتَمَسُ الْيَسَارُ
سقــــاكَ الغيثُ إنكَ كنت غيثاً
كَأَنَّ غَضَا الْقَتَادِ لَهَا شِفَــــــارُ
أَبَتْ عَيْنَايَ بَعْـــــــــدَكَ أَنْ تَكُفَّا
وَ تعفـــــــــو عنهمُ وَ لكَ اقتدارُ
وَ إنكَ كنتَ تحـــــلمُ عنْ رجالٍ
مخــــــافة َ منْ يجيرُ وَ لاَ يجارُ
وَ تمنعُ أنْ يمســـــــــهمُ لسانٌ
إِذَا مَــــــــا عَدَّتِ الرِّبْحَ التِّجَارُ
وَكُنْتُ أَعُـــــدُّ قُرْبِي مِنْكَ رِبْحاً
شَعُوباً يَسْتَدِيرُ بِهَا الْمَـــــــــدَارُ
فلاَ تبعــــــــدْ فكلٌّ سوفَ يلــــقى
وَ يوشكُ أنْ يصيرَ بحيثُ صاروا
يَعِيشُ المَـــــــــرْءُ عِنْدَ بَنِي أَبِيهِ
كَمَا قَدْ يُسْـــــــلَبُ الشَّيْءُ المُعَارُ
أرى طــــولَ الحياة ِ وّ قدْ تولى
تطـــــــــايرَ بينَ جنبيَّ الشـــرارُ
كَــأَنِّي إذْ نَعَى النَّاعِي كُــــــلَيْباً
كما دارتْ بشــــــــاربها العقارُ
فدرتُ وّ دْ عشيَ بصري عليهِ
فَقَالُـــــــوا لِي بِسَفْحِ الْحَيِّ دَارُ
سألتُ الحـــــــــيَّ أينَ دفنتموهُ
وَطَارَ النَّوْمُ وَامْتَنَعَ القـــــــَرَارُ
فسرتُ إليهِ منْ بلــــدي حثيثاً
ثَوَى فِيهِ المَكَــــــــارِمُ وَالْفَخَارُ
وَحَـــــادَتْ نَاقَتِي عَنْ ظِلِّ قَبْرٍ
وَلَمْ يَحْدُثْ لَهُ فِي النَّاسِ عَارُ
لدى أوطـــانِ أروعَ لمْ يشنهُ
جبانُ القومِ أنجـــــــــــاهُ الفرارُ
أَتَغْدُوا يَا كُلَيْبُ مَعِي إِذَا مَــــــا
خـــلوق القوم يشحذُها الشِّفار
أتغـــــدُوا يا كليب معي إذا ما
أثيروها لذلكـــــمُ انتصـــــــارُ
أقولُ لتغلبٍ وَ العـــــــزُّ فيـــها
عليهِ تتابعَ القومُ الحســــــــــارُ
تتابعَ إخوتي وَ مضــــوا لأمرٍ
بتركي كلَّ ما حوتِ الديــــــــارُ
خذِ العهدَ الأكيدَ عليَّ عــــمري
وَلُبْسِي جُبّـــــــــَة ً لاَ تُسْتَـــــعَارُ
وَهَجْرِي الْغَانِيَاتِ وَشُرْبَ كَأْسٍ
إلى أنْ يخــــــلعَ الليلَ النهــــارُ
وَ لستُ بخالعٍ درعي وَ سيفي
فَلاَ يَبْقَى لَهَــــــــا أَبَــــــــداً أَثَارُ
وإلاَّ أَنْ تَبِيدَ سَـــــرَاة ُ بَكْــــــرٍ
فَلا يَبقى لَــــها أَبَداً أَثــــــــارُ