حورية44 عضو بارز
عدد المساهمات : 286 نقاط النشاط : 808 تاريخ التسجيل : 12/01/2012 تاريخ الميلاد : 27/02/1993 العمر : 31 نوع المتصفح :
| موضوع: مسرحية الحلم العربي؟ الخميس 22 نوفمبر 2012, 18:02 | |
| مسرحية الحلم العربي . ...سمعت صراخاتها من أسفل البناية....ها قد عادت الى عاداتها و مزقت بذلك ورقة الوعد اربا اربا...تخلت عن وعودها بأنها لن تصرخ مجددا...لن يرتفع صوتها
..لن تناقش...لن تجادل أي شخص في أي مجال....ها قد خرجت عن صمتها الذي كان لمدة قصيرة عنوانا لجل مداخلاتها...صمتها الذي كنا جميعا نهيبه ؟؟ ها هي
تفجره من جديد ...و تساءلت عن الموضوع الذي كسر صمتها ؟ عن السبب الذي سيجعلها تقوم بصيام أيام متتالية كونها أقسمت و هي ذي تحنث بالقسم؟؟....صرخاتها
كانت ترتفع...تنخفض ثم تعود مدوية من جديد...ها أنا الآن أسمع وقع أقدامها...ضربات حذاءها...بطريقة مخيفة تتخطى تلك السلالم ، فقط لتنقل لي مباشرة
غضبها...لم تتوقف كعادتها لترتاح في احد الطوابق...ربما خوفا من أن تهدأ أو بنسبة كبيرة خوفا من أن تراودها نوبة بكاءها التي تنتابها كلما جلست في تلك
السلالم.....انها تقترب....أسمع صراخاتها الممتزجة بضحكات عالية هستيرية طالما كانت مقدمة لفيضانات من الدموع ....ها هي تركض رغم أنفاسها المتقطعة....و
بقوة تفتح الباب على مصرعيه صارخة :-...الأمة العربية أكذوبة....الحلم العربي يترعرع في أيادي اسرائيل...- ...و هذا ما كنت أخشاه أنها قد عادت لممارسة
طقوسها القديمة....بغضب تنزع خمارها و ترمي أشياءها على ذلك السرير الذي كان وحده يتحمل عبء أحزانها....تتطاير شرارة الغضب من عينيها...أنظر الى يدها
فأكتشف أنها خانت العهد ...أجل هي سببها...تردد :-اليك آخر الأخبار- و تبدأ فجأة بشن هجوم على الاقامة التي دفنتنا خلف القضبان على حد قولها...أقرأ
العناوين...فأدرك أنها كانت تحترف الكذب لقولها أنها قد تخلت عن التمسك بأمل نهوض الأمة العربية...هي الآن تثبت لي أنها لم تتمكن من اعدام الأمل في مقصلة
الهوان العربي أو كما أسمتها يوما مقصلة صدام حسين....تنزعها من يدي و تردد : -...خلاصة كل ورقة أننا لازلنا نجر أذيال الهزيمة...لا زال الخنوع عنوان ردود
أفعالنا...دعسوا الحلم العربي بتواطء من العرب...-...وواصلت القاء وابل من المسبات على كل شيء عربي يدعي النخوة ...اكتفيت بالنظر اليها و القول :
-لا تنسي أن الغضب و القلق محظوران عليك بوصفة من الطبيب-....كنت أدرك أنها لن تعيرني اهتماما...فقط رمقتني بنظرة حادة
-أن اصمتي و الا....- ...جلست فاعتقد لبرهة أنها هدأت...لتنطلق مجددا بالحديث : ...بالله عليك أخبريني الى متى الذل ؟ الى متى الهوان و الخنوع ؟ و الى متى
نبقى كرة بين أرجلهم؟ الى متى يواصلون اثبات ضعفنا ،عجزنا و خوفنا؟....كنت أقرأ في عينيها حزنا ممتزجا بسخط رهيب....تواصل الحديث : ...هل
تعلمين؟ ...غزة تموت...تقتل...تذبح ...أشلاءها تتناثر...و نحن؟...قمنا بالكثير...بطريقة ساخرة راحت تسرد لي انجازات العرب منذ ذلك العهد... :...قمنا بقمة
عربية طارئة...لا أدري ان كان استعمالي لكلمة طارئة في محله أم هو خطأ تعبيري...لا، أعتقد أنه خطأ عربي ،كون هذه القمة كانت بعد أربع أيام متواصلة من
القصف....قمنا بالكثير....لم يسحب و لا سفير...لم يندد ولا طرف .. و تعود الى الوراء بالقول : آه لقد نسيت أن أخبرك عن القمة العربية ...اني أتساءل عن الدول
المتواجدة هناك؟؟...تونس التي لم تشفى بعد من آثار التغيير ....أم سوريا التي لم تعد في نظر الدول العربية الأخرى بدولة عربية و أجادوا فيها فقط تطبيق الأحكام
بسحب سفرائهم واخراج قرارات تندد وتشدد التنديد....لا أدري ما هي الدول العربية التي تواجدت أهي مصر التي كانت تتهم مسبقا بتواطؤ رئيسها الذي انزاح من الحكم
و قيل أن البديل لا يرضى بغير الحرية ليصعقنا القرار الذي كان عبارة عن هدنة؟؟...أهنا فقط أرادوا تطبيق السلم ؟ لماذا لم يرضوا بالسلم في ثوراتهم؟ لماذا كانوا
يقولون أن الحرية لا تعطى و انما تأخذ؟...وحدهم من طبقوا بطريقة لم أفهمها لحد الساعة – ألق بالثورة الى الشارع يحتضنها الشعب-....كانت هاته العبارة تثير
اهتمامها لدرجة أنها كلما وصلت لجامعتها اتجهت الى تلك الكتابات المعلقة و تلتفت الي لتسألني : ...هناك اختلاف بين ثورتنا المجيدة و ثورتهم، هذه مقولتنا رددها
ثوارنا لسحق العدو الغاشم فلما أخذوا لها منحى آخر و طبقوها؟؟....حاولت جعلها تصمت لأن هذا الحديث قد يكلفها الكثير ....لكن أخذت لجملتي منحى آخر في التفسير
و اعتبرتني بأسلوبها مثالا مصغرا عن الدول العربية التي لا تجيد غير الصمت...و تساءلت فجأة : ...ذكريني هناك دول تدعى قطر...البحرين
...السعودية؟...بسخرية حادة انفجرت ضاحكة مرددة باستهزاء : ...هي دول عربية أليس كذلك؟؟...اذن أين القمة العربية ؟؟؟......اقتربت منها علي أحاول
تهدئتها لتدهشني قائلة و هي تضحك : نحن للأسف هكذا...أنت تقتربين مني لتمتصي غضبي و نحن أي الدول العربية نقترب من اسرائيل لنصل الى سلم و هدنة...سلم
لن يكون....و هدنة طالما خرقوها وواصلنا نحن الوفاء ، أتلاحظين؟ مع بعضنا البعض لم نتحلى يوما به، بل ما نصدق أن يسقط أحدهم ليتكالب الكل بين ساحب للسفير
و مهدد بقطع العلاقات و مساعد للتغيير...؟؟...هكذا نحن نتفق على أن لا نتفق...يشتد غضبها...دقات متتالية في حلقها....توتر قاتل يسري في كيانها....تستغفر وهي
تبتسم مرددة مقولة لامرأة كبيرة نوعا ما في السن ، مصابة بمرض سرطان الدم ، تعمل ليلا في اقامتنا -كيما قالت حبيبة الله يرحم الشهدا-....هي مقولة كانت تستعملها
كلما رأت مشاهد تثير القلق و كلما شعرت بتردي الأحوال....و اعتقدت أنها أكتفت بمقولتها كخاتمة ، لتنطلق فجأة بالحديث و كم كانت بارعة ؟ حين انتقلت من تلك
المقولة الى نقطة أخرى زادت قلبها حسرة : ..هل تعلمين ؟؟ تلك القنوات التي لا أدري درجة عروبتها...قنوات الأخبار كل ساعة...لم تمنح لضحايا غزة اسم شهداء بل
عنونت أخبارها ب –سقوط ضحايا...قتلى...موتى...-....لم تمنحهم حتى الشهادة بينما في الثورات العربية أجادت ذلك بل تفننت في التسميات بين
-الثوار...المجاهدين...الأحرار..- و الطرف الآخر ب- العدو ..النظام المستبد...الطاغية...- ...هنا أجادت استعمال كل الصفات لكن أن تقول عن شهداء غزة شهداء
؟؟ لا ذلك غير ممكن...ضحايا مصر هم الشهداء و قتلى ليبيا هم الشهداء لكن شهداء غزة ليسوا سوى ضحايا...تنهدت مطولا و ارتسمت ملامح العياء على
وجهها...نظرت اليها مبتسمة مرددة في شكل سؤال : - و لما الغضب ؟؟...ككل مرة ...نفس الهوان و نفس القمة العربية الطارئة و نفس الخوف من القوة الكبرى فلما
الغضب؟؟...ألست من قلت أنك اعتزلت الأمل في نهوضها؟؟....ساد الصمت برهة...دموع كانت تتراقص على جراح العرب داخل عينيها...غيمة سوداء تحمل من
الحزن ما يكفي لمسح ذل عشناه لمدة طويلة من السنين...بهدوء و على غير العادة رددت : ...اعتقدت للحظة أن التغيير الذي كانوا يريدونه قد حصل و أن الدول
العربية معظمها عاشت ما أسمته ثورات و عرفت ما يدعى حرية...للحظة اعتقدت أن الحلم العربي سيتحقق و لن يبقى سوى كلمات لأغنية أصبحت تمتلك عدة أجزاء
(...أغنية الحلم العربي1998، الجزء الثاني الضمير العربي2008)...للحظة اعتقدت أن كلمات أغنية – وين الملايين...الشعب العربي وين- ستثير النخوة و أن
–الغضب الساطع آت- ...حقا آت...و راحت تردد على مسامعي كلمات أغنية الحلم العربي : -...أجيال ورا أجيال حتعيش على حلمنا ..ولي نقولو ليوم محسوب على
عمرنا...جايز ظلام الليل يبعد ليوم انما ...يفضل شعاع النور يوصل لأبعد سما دا حلمنا طول عمرنا حضن يضمنا كلنا كلنا.....-...انفجرت ضاحكة و ها قد بدأ مالم
كنت أريده ...قالت :-...يعني أننا بصمنا على أن حرية فلسطين مجرد حلم و أن اتفاق الدول العربية مجرد وهم...، و أننا حقا أجيال خلف أجيال سنكتفي بذلك الحلم
حلما لا أكثر؟ - ...و حكمت حينها على تساؤل –هواري بومدين- : *...هل الأمة العربية مستعدة لبذل الثمن الغالي الذي تتطلبه الحرية؟ و ان اليوم الذي يقبل فيه
العرب دفع هذا الثمن لهو اليوم الذي تتحرر فيه فلسطين...*....حكمت عليه بالاستحالة ، بالمؤبد أو ربما حتى بالاعدام لهذا الحلم الذي لم و لن يتمكن العرب من
تحقيقه...
...لتختم حديثها بتغيير كلمات الحلم العربي : -..أجبال ورا أجيال نشوفو الذل العربي ...دا حلمنا ...طول عمرنا ...اسرائيل تلعب بينا...-...- لا أعتقد أبدا أن
العرب بامكانهم التخلي عن حضن اسرائيل الدافىء أبدا...أبدا- ...لتصمت فجأة...تختم مسرحية العار العربي كما كان يحلو لها أن تسميها...تستلقي مدعية العياء و
الرغبة في النوم...يسود الصمت و تسمع وسطه شهقات ...بكاء متواصل على الأمة العربية... لكن الى متى؟الى متى؟؟.....
صرخة أنين
| |
|