القرآن الكريم:
هو كتاب الله العزيز، الذي أعجز الفصحاء و البلغاء، و قد أنزله الله على رسوله محمد –عليه الصلاة و السلام- هدًى و بشرى، و موعظة و ذكرى، و دعوة إلى خيري الدنيا و الآخرة، فتضمن أصول دين الله الحنيف، الذي جاء ليرسم للناس نظام حياتهم، و ليقيم العلاقات بينهم على أساس من الحق و الواجب و الإخاء و الصفاء.
و قد نزل القرآن الكريم على الرسول منجما(مفرقا) بطريق الوحي(جبريل)، بحسب الوقائع و الأحداث، و التدرج في التكاليف و الفرائض، و قد دعا القرآن –أول ما دعا- إلى توحيد الله عز و جل توحيدا خالصا من شوائب الشرك و مشابهة المخلوقات في أي شيء، كما دعا إلى كثير من الفضائل، و رسم خطوط المجتمع الصالح.
الحديث الشريف:
هو ذلك القول الصادر عن الرسول صلى الله عليه و سلم الذي لا ينطق عن الهوى، و الذي يعد بحق أفصح العرب لهجة، و أبلغهم حجة، و أصدقهم قولا، و أوجزهم عبارة، و لذا نجد المأثور من حديثه صفوة اللغة، يأتي في أعلى درجات البيان بعد القرأن من معانيه، و يستضيء الحكيم بحكمته، و يستعين به الفقيه على استنباط الأحكام في أمور الدين.
أثر القرآن الكريم و الحديث الشريف في اللّغة و الأدب:
أ/ إن القرآن أول كتاب دوّن في اللغة العربية، و لذا كانت دراسته ضرورية لتاريخ الأدب، لأنك تلمح فيه مظهر الحياة العقلية، و الحياة الأدبية عند العرب. و هو منبع المعاني و الأساليب و المعارف التي شاعت في الأدب العربي.
و أسلوب القرآن أسلوب بديع لا عهد للآذان و لا للأذهان بمثله، فلا هو موزون مقفى، و لا هو سجع يتجزأ فيه المعنى في عدد من الفقر، لا هو مرسل يطّرد أسلوبه دون تقطيع ولا تسجيع، و إنّما هو آيات مفصلة متزاوجة يسكت عندها الصوت، و يسكن الذهن لاستقلالها بالمعنى، و انسجامها مع روح القارئ ووجدانه، و هذا ممّا حيّر العرب في أمره، و أعجزهم عن الإتيان بسورة من مثله.
و كان للقرآن الكريم أثر قوي في نقله النثر من تلك الجمل القصيرة المسجوعة المفككة إلى تلك الصور الأنيقة التي تراها في خطب الرسول عليه الصلاة و السلام و أحاديثه، و خطب الصحابة و التابعين و رسائلهم إذ عدت جملة متناسقة، متطابقة، متخيرة الألفاظ، حسنة التأليف، رائعة التصوير، منطفية العرض، تنفذ في العقل و القلب إلى الصميم.
كما أثر القرآن في النثر بوضعه المثل لمعالجة القصص و الوصف و الجدل البناء و الموعظة الحسنة، و بتوسعه في دلالة الألفاظ بإخراجها من معنى إلى معنى، بينه و بين المعنى الأول علاقة كالصلاة و الصيامو الزكاة و المؤمن و الكافر و المنافق...
و له أثر القرآن في إحداثه موضوعات لم يعرفها العرب من قبل كمسائل التشريع المختلة، و ظلت آياته طوال القرون معينا للخطيب، وزارا للأديب، و حيلة للمنشئ، يرصع بها كلامه، و يزين بها قوله.
إنّ القرآن خير بيان، و أجمل قول، و أبلغ كلام، هذب الطباع و صقل الذوق الأدبي لدى العرب، و جعل الأدباء يؤثرون الأساليب الرقيقة العذبة، و الجمل الواضحة السهلة، و الحجج المقنعة. و هناك فضل له لا يمكن إغفاله في هذا المقام، و هو: أنه كتب الخلود للغة العربية و الإسلام.
ب/ الحديث يطلق على ذلك الجانب القولي من سنة الرسول عليه الصلاة و السلام، فهو ذلك القول الحكيم الذي ثبت عن النبي عليه الصلاة و السلام ليكون إيضاحا و تفصيلا لما جاء في القرآن الكريم من قواعد عامة للتشريع، و تنفيذا لقول الله تعالى:"وَ أَنْزَّلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ للناسِ ما نُزِّلَ إليهم" و الحديث يعتبر الأصل الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن، و لذا نجد فيه توضيحا لما أجمله القرآن، و بيانا لأهدافه و تناولا لشؤزن الدين و الدنيا من عقائد و عبادات و معاملات، و تنظيم مجتمع و حسن علاقة بين الناس و الحياة.
و كان للحديث أكبر الأثر في نشر الثقافة في العالم الإسلامي، فقد أقبل الناس على تدارسه إقبالا عظيما، و كانت حركة الأمصار العلمية تكاد تدور عليه، و كل علماء الصحابة و التابعين كانت شهرتهم العلمية مؤسسة على التفسير و الحديث، و كان الحديث أوسع دائرة بسبب رحلة العلماء، و طوافهم في البلدان، يأخذ بعضهم عن بعض، فكان من ذلك تبادل الآراء العلمية، ووقوف علماء كل مصر على ما عند الآخرين.
و الحديث في فن القول يمتاز بفصاحة اللهجة، و بلاغة الحجة، و صدق القول، و إيجاز العبارة و الصدور عن غير تصنع و تكلف و فيه مراعاة مقتضى الحال، و لذا تأتي درجته في موازين البيان تالية لدرجة القرآن الكريم.